جدة (يونا) – صدر اليوم “ميثاق جدة للمسؤولية الإعلامية” تتويجاً لأعمال المنتدى الدولي "الإعلام ودوره في تأجيج الكراهية والعنف: مخاطر التضليل والتحيز" الذي اختتم بعددٍ من التوصيات وجمعت له رابطة العالم الإسلامي أعضاء اتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي (يونا)، والوكالات الدولية الكبرى، وأبرز القيادات الدينية والدبلوماسية في العالم، وذلك اليوم الخميس 21 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتضمّن الميثاق 13 بنداً اعتمدتها القيادات والمؤسسات الممثلةُ في المنتدى، كما صدرت 8 توصيات في نهاية أعمال المحفل الدولي الذي ضمّ حضوراً من كافة أنحاء العالم، لاسيما رؤساء ومديرو وكالات الأنباء العربية والإسلامية والدولية. وبمشاركة مراسلين من قطاع غزة ممن يعانون في سبيل نقل الحقائق وإطلاع الرأي العام على ما يجري على أرض الواقع.
وذكر الميثاق في ديباجته أن هناك ضرورةً للتعبير عن الإيمان بواجب الرقي بالمنظومة الإعلامية، وبتعزيز شرف الانتماء إلى المهنة، والتأكيد على المواثيق الصادرة من المنظمات الدولية والمؤسسات المهنية، والحرص على احترام حرية الرأي والتعبير في سياق مشروعيتها الحضارية الداعمة لسلام العالم ووئام مجتمعاته الوطنية.
كما لفت الميثاق النظر إلى أهمية ضمان حق الرأي العام في التعرف على الحقيقة، والوصول إلى المعلومة بوثائقها المقدمة بتجردٍ وحياد، لا بأطروحاتها المرتجلة والمضلِّلة التي تطفف في شفافية معلوماتها وتُدلس في وثائقها؛ مشدداً على أهمية الاسترشاد بالخبرات التي راكمتها التجارب الإعلامية في الوصول إلى دور مجتمعي حضاري مستنير.
وأكد الميثاق أن احتياجات العصر تتطلب صياغة تحالُفٍ دوليٍّ لإحباط التضليل الإعلامي، وتحسيناً لأداء العمل الإعلامي وجودته وَفْق معاييرَ وضوابطَ تُمثل أخلاقيات الخطاب الإعلامي بأركانها وواجباتها. لذا فإن المشاركين في المنتدى يدعون كافة الإعلاميين حول العالم إلى الالتزام بتلك الأخلاقيات التي تتفق عليها القيم الإعلامية ولا تختلف، بوصفها مشتركاً مهنياً يؤمن به كل من استشعر المسؤولية الإعلامية، بعيداً عن أي أهداف أخرى من شأنها أن تنحرف بالمسار الإعلامي عن رسالته النبيلة، ويؤكدون في هذ الصدد على الالتزام بالآتي:
1- الإيمانُ بالكرامة الإنسانية، والالتزامُ بالمُثل الأخلاقية المشتركة، وصيانة حقوق الإنسان واحترامه أيّاً كانت هويته الدينية والوطنية والإثنية أو غيرها ممن يتعين احترام وجودهم وحقهم في اختيار توجهاتهم المشروعة، والامتناع عن البث والنشر لما من شأنه المَساس بحقوق الآخرين أو انتهاك خصوصياتهم؛
2- محاربة الظواهر السلبية والممارسات الخاطئة، والتصدّي لدعوات نشر الرذيلة والانحلال الأخلاقي، وكل ما يضر بالمجتمعات، أو يتنافى مع الفطرة السوية والقيم الإنسانية الجامعة؛
3- احترام الرموز الدينية والوطنية للأمم والشعوب، والإصرار على أن الإساءة إلى المعتقدات والمقدسات الدينية لا تندرج ضمن حرية التعبير، بل هي استغلال غير أخلاقي لهذه القيمة النبيلة، ولا ينجم عنها سوى المزيد من استفزاز المشاعر وخَلق العداوات وتأجيج التوترات؛
4- ترسيخ ثقافة الاختلاف الواعي، واحترام التنوع الثقافي والاجتماعي، والحفاظ على سلام المجتمعات، ووئام مكوناتها، وترسيخ تعايشها، وتطوير نهضتها، ومراعاة المعايير العلمية والموضوعية والأخلاقية في النقد والحوار؛
5- اعتبار الإسلاموفوبيا وغيرها من الأفكار الكارهة والإقصائية أنموذجاً للعنصرية المقيتة التي تشيطن الآخر وتُقصيه لضيقها بالتعدد، وعدم قدرتها على التفاعل معه، أو لسوء فهمها لانعزالها وغطرستها، فضلاً عن تأصل الكراهية في بعض النفوس، مما يدل على مستوى عزلتها الإنسانية والأخلاقية؛
6- مكافحة دعوات العنف والكراهية والتمييز العنصري، والامتناع عن نشر المواد التي تغذّي التطرف والإرهاب، أو تحرض عليهما، والعمل على محاربة كل ما يُخلّ بأمن الأوطان والمجتمعات، أو يَزرع الشقاق والاحتراب؛
7- حجْب المحتويات ذوات الصلة بالعنف والكراهية، والحذر التام من أحادية الاتجاه، وانحيازية الضوابط، والاحتراز من نشر المواد الإعلامية المسيئة أو المهينة للأفراد والجماعات، وإدانة كافة صور التحقير والازدراء، واستخدام لغة مهذبة وراقية، تَحفظ الكرامة، وتبيّن الحقيقة، وتضمَن التعايش، وتحترم الجميع؛
8- التعامل بحساسيّة ووعي مع الأحداث الكارثية والمأساوية، واستخدام المواد البصرية واللغوية بمهنية واحترافية، والحذر من الإساءة إلى الضحايا أو المتضررين والمنكوبين بنقل التفاصيل والصور الجارحة أو الصادمة؛
9- ممارسة العمل الإعلامي بحرية واستقلالية ذاتية، لا تخضع للضغوط أو التأثيرات بجميع صورها وأشكالها، وتجنب استغلال النفوذ أو الصلاحية لخدمة المصالح الشخصية وتحقيق المكاسب الذاتية؛
10- الالتزام بالمسؤولية الشخصية، والتحلي بالقيم الأخلاقية والاجتماعية، وعدم استخدام أساليب الخداع والابتزاز للوصول إلى الخبر، والتحقق من صحته، وتوخّي الحكمة في تغطيته، بما يُسهم في تنوير الرأي العام وتوجيهه بتوازن واعتدال، والابتعاد عن أساليب المبالغة والتهويل، وتجنّب الإثارة والتحريض على الكراهية والعنف؛
11- استشعار شَرف المهنة القائم على الموضوعية والحيادية في تلقي الأخبار وعَرضها، واعتبارهما التعبير الأمثل لبيان الحقيقة التي ينبغي أن تصل إلى الجمهور، من غير إقصاء أو انحياز أو تضليل.
12- الالتزام بالسبل المشروعة في الحصول على المعلومة، وتجنب الوسائل غير الأخلاقية التي تنتهك حقوق الآخرين أو تعتدي على خصوصياتهم؛
13- الاعتماد على الجهات الموثوقة ذات المصداقية في نقل الأخبار والتقارير، ومراعاة حقوق النشر عند الاقتباس منها، وتحرّي الصحة والدقة فيما يقدم أو ينشر من مواد وتقارير إعلامية، والبعد عن الاختلاق والقرصنة والتزييف والتحريف ونشر الأخبار المضلِّلة، أو الشائعات.
كما دعا المنتدى إلى جملة من التوصيات، وهي:
1- إيجاد قانون دولي موحد ينظم أخلاقيات العمل الإعلامي، ويقر اللوائح المؤهلة للممارسة الإعلامية الواعية؛
2- إيجادُ قوانينَ وطنيةٍ ودوليةٍ رادعةٍ لكل أشكال الكراهية، ومن ذلك تجريم المؤسسات والأفراد الإعلاميين المتورطين في جرائمها، ووضع قوائم رسمية بأسمائهم لعزلهم عن منظومة الإعلام النزيه، تنبيهاً على مخاطرهم على سلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية؛
3- الإعلان عن (جائزة وكالة الأنباء الإسلامية للمهنية الإعلامية)، تَمنحها الوكالة للهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والأفراد الملتزمين بالقيم الإعلامية؛
4- توفير الحماية للمراسلين الإعلاميين، وتجريم الاعتداء عليهم أو تقييد وصولهم إلى الأحداث ونقلهم لها بكل حرية؛
5- الدعم الوطني والدولي لكل ما من شأنه الارتقاء بالرسالة الإعلامية، وإسهامِ محتواها في تعزيز الوَعي بمختلف مفاهيمه ودلالاته؛
6- الارتقاء بالعملية الإعلامية لتصبح قوة ناعمة لخدمة القضايا الإنسانية، ومساندة الشعوب المظلومة، وحل النزاعات، وتعزيز التحالف الحضاري بين الأمم والشعوب في مواجهة مفاهيم الكراهية ونظريات حتمية الصراع والصدام الحضاري؛
7- إيجادُ مراصدَ وطنيةٍ ودولية فاعلة، تستطلعُ وتستشعر إنذارات الكراهية وتعمل على تلافي مخاطرها؛
8- الدعوة إلى إقرار (ميثاق جدة للمسؤولية الإعلامية) من قبل المؤسسات الإعلامية الدولية، ليكون مصدراً مرجعياً ومستنداً قانونياً في معرفة أخلاقيات العمل الإعلامي وضبْط ممارسته، وبيان لوائحه.